فصل: 311- باب نهي من أكل ثومًا أَوْ بصلًا، أَوْ كراثًا أَوْ غيرها مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلا لضرورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.311- باب نهي من أكل ثومًا أَوْ بصلًا، أَوْ كراثًا أَوْ غيرها مِمَّا لَهُ رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إِلا لضرورة:

1701- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ- يعني: الثُّومَ- فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا». متفق عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلم: «مساجدنا».
1702- وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ فَلا يَقْرَبَنَّا، وَلا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا». متفق عَلَيْهِ.
1703- وعن جابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزلنا، أو فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا». متفق عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلم: «مَنْ أكَلَ البَصَلَ، والثُّومَ، والكُرَّاثَ، فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ».
قال البخاري: باب ما جاء في الثوم النيء، والبصل، والكراث، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أكل الثوم أو البصل من الجوع أو غيره فلا يقربن مسجدنا». وذكر الأحاديث.
قال الحافظ: وتقييده بالنيء حملٌ منه للأحاديث المطلقة في الثوم على غير النضيج منه.
قال الخطابي: توهم بعضهم أنَّ أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة، وإنما هو عقوبة لآكله على فعله، إذا حُرِم فضل الجماعة.
قال الحافظ: ولا تعارض بين امتناعه صلى الله عليه وسلم من أكل الثوم وغيره مطبوخًا، وبين إذنه لهم في أكل ذلك مطبوخًا، فقد علل ذلك بقوله: «إني لست كأحد منكم».
1704- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه خَطَبَ يومَ الجمْعَةِ فَقَالَ في خطبته: ثُمَّ إنَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ تَأكُلُونَ شَجَرتَيْنِ مَا أرَاهُمَا إِلا خَبِيثَتَيْن: البَصَلَ، وَالثُّومَ. لَقَدْ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجدَ ريحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ في المَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ إِلَى البَقِيعِ، فَمَنْ أكَلَهُمَا، فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا. رواه مسلم.
في هذا الحديث: كراهية أكل البصل والثوم نيئًا، وجواز أكلهما مطبوختين.

.312- باب كراهة الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب، لأنَّه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة، ويخاف انتقاض الوضوء:

1705- عن مُعاذِ بن أنس الجُهَنِيِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الحِبْوَةِ يَومَ الجُمعَةِ وَالإمَامُ يَخْطُبُ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقالا: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قال في (النهاية): الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما فيه مع ظهره، ويشده عليه. وقد يكون الاحتباء باليد عوض الثوب. انتهى.

.313- باب نهي من دخل عَلَيْهِ عشر ذي الحجة وأراد أنْ يضحي عن أخذ شيء من شعره أَوْ أظفاره حَتَّى يُضحّي:

1706- عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ، فَلا يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلا مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ». رواه مسلم.
قال الشارح: «فلا يأخذن» ندبًا، وصرفه عن الجواب قول عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقلدها هو بيده، فلا يحرم عليه شيء أحله الله تعالى له حتى ينحر الهدي. ومحل الكراهة عند عدم الحاجة. انتهى ملخصًا.
وقال البخاري: باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء. وذكر حديث مسروق أنه أتى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، إنَّ رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة، ويجلس في المصر فيوصي أنْ تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس؟ قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله حتى يرجع الناس.
قال الحافظ: واستدل الداودي به على أنَّ الحديث المرفوع: «إذا دخل عشر ذي الحجة فمن أراد أنْ يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره». يكون منسوخًا بحديث عائشة، أو ناسخًا.
قال ابن التين: ولا يحتاج إلى ذلك لأن عائشة أنكرت أنْ يصير محرمًا بمجرد بعثه الهدي، ولم تتعرض على ما يستحب في العشر خاصة، من اجتناب إزالة الشعر والظفر.
ثم قال: لكن عموم الحديث يدل على ما قال الداودي، وقد استدل به الشافعي على إباحة ذلك في عشر ذي الحجة.
قال الحافظ: لا يلزم من دلالته على عدم اجتناب ما يشترطه المحرم على المضحي أنه لا يستحب فعل ما ورد به الخبر لغير المحرم، والله أعلم. انتهى ملخصًا.

.314- باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهيًا:

1707- عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ». متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية في الصحيح: «فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلا يَحْلِفْ إِلا بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ».
قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع.
وعن عكرمة قال: قال عمر: حدثت قومًا حدثيًا، فقلت: لا وأبي. فقال رجل من خلفي: «لا تحلفوا بآبائكم». فالتفتُّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خير من آبائكم». رواه ابن أبي شيبة.
قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله، أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.
1708- وعن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلا بِآبَائِكُمْ». رواه مسلم.
«الطَّواغِي»: جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ: «هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ» أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم: «بِالطَّوَاغِيتِ» جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ.
قال الحافظ: من حلف بغير الله مطلقًا لم تنعقد يمينه، سواء كان المخلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة، كالأنبياء والملائكة، والعلماء والصلحاء، والملوك، والآباء والكعبة.
أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد. أو يستحق التحقير والإَذلال كالشياطين، والأصنام، وسائر من عُبِد من دون الله.
1709- وعن بُريدَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا». حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
قال الخطابي: سَبَبُهُ أنَّ اليمين لا تنعقد إلا بالله تعالى، أو بصفاته، وليست منها الأمانة، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما يوهمه الحلف بها من مساواتها لأسماء الله وصفاته.
وقال ابن رسلان: أراد بالأمانة الفرائض، أي: لا تحلفوا بالحج والصوم ونحوهما.
1710- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلاَمِ، فَإنْ كَانَ كَاذِبًا، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقًا، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلاَمِ سَالِمًا». رواه أَبُو داود.
في هذا الحديث: وعيد شديد وتهديد أكيد لمن حلف بملة غير الإسلام كاذبًا أو صادقًا.
1711- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يقُولُ: لا وَالكَعْبَةِ، قَالَ ابنُ عُمَرَ: لا تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: «كفَرَ أَوْ أشْرَكَ» عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرِّياءُ شِرْكٌ».
الرياء والحلف بغير الله من الشرك الأصغر الذي لا يخرج عن الإسلام.
وفي الحديث: الزجر عن الحلف بغير الله عزَّ وجلّ، لا نبي ولا غيره، وما ورد في القرآن من القسم بغير الله فذلك يختص بالله عز وجل.
قال الشعبي: الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا يقسم إلا بالخالق. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أفلح وأبيه إنْ صدق». فهذا اللفظ كان يجري على ألسنة العرب من غير أنْ يقصدوا به القسم. وقيل: يقع في كلامهم للتأكيد لا للتعظيم.
قال الماوردي: لا يجوز لأحد أنْ يُحَلِّف أحدًا بغير الله لا بطلاق، ولا عتاق، ولا نذر، وإذا حَلَّف الحاكم أحدًا بشيء من ذلك وجب عزله لجهله.